languageFrançais

يسر القمرتي: نقص أطباء العائلة يُهدّد جودة الرعاية الصحية

نظّمت الجمعية التونسية لطب العائلة يوميْ السبت والأحد 4 و5 أكتوبر 2025 مؤتمرها الوطني التاسع عشر، بالعاصمة تونس، بمشاركة نخبة من الأطباء والباحثين والخبراء من مختلف الجهات. 

وكان هذا الملتقى العلمي مناسبة سنوية هامة لتبادل الخبرات ومواكبة آخر المستجدات في الطب العام وطب العائلة، الذي يُعتبر ركيزة أساسية في المنظومة الصحية التونسية.

تطوير معارف أطباء العائلة

تضمّن برنامج المؤتمر محاور علمية متعددة تناولت آخر التطورات في جراحة القلب والأوعية الدموية، والعلاجات الحديثة للأمراض العصبية والنفسية مثل الصداع النصفي واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، إلى جانب مواضيع متعلقة بالتغذية الدقيقة لكبار السن وسبل الحفاظ على صحتهم واستقلاليتهم. وخُصّص جزء من أشغال المؤتمر لمناقشة إدماج الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي والصياغة الطبية.

وفي تصريح لموزاييك، أكّدت الدكتورة يسر القمرتي، الكاتبة العامة للجمعية التونسية لطب العائلة، على أنّ هذا المؤتمر يأتي في إطار تطوير معارف أطباء العائلة وتمكينهم من الاطّلاع على آخر الابتكارات العلمية في مجال الطب الحديث. 

وقالت الكاتبة العامة للجمعية "اليوم المؤتمر التاسع عشر لطب العائلة يُعنى أساسًا بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الشحوم في الدم،  ونسعى من خلاله إلى مناقشة كيفية التعامل مع هذه الأمراض المزمنة والتحكم فيها، إضافة إلى التعريف بالأدوية الحديثة التي أصبحت متوفرة حديثًا في تونس، خاصة أدوية مرض السكري.

قضايا كبار السن

واشارت المتحدّثة إلى أنّ "طبيب العائلة هو الطبيب الأقرب للمريض، وهو المسؤول عن متابعة هذه الأمراض المنتشرة بشكل واسع. لذلك من الضروري أن يكون مطّلعًا على كل المستجدات العلمية المتعلقة بها، وأن يعرف كيفية التصرف في الحالات المختلفة ومتى يجب إحالة المريض إلى الطبيب المختص".

وتناول المؤتمر أيضًا قضايا كبار السن، خصوصًا في ظل الارتفاع السريع في نسبتهم داخل المجتمع التونسي. وسيناقش موضوع التغذية السريرية لهذه الفئة وكيفية الوقاية من الأمراض المزمنة التي تهدد صحتهم، بهدف ضمان الشيخوخة السليمة والحفاظ على الاستقلالية وجودة الحياة.

وأضافت يسر القمرتي "أصبح طب العائلة اليوم اختصاصًا قائمًا بذاته، كما هو الحال في مختلف دول العالم، بعد أن أدركت المؤسسات الصحية وصنّاع القرار أهميته البالغة. فعدد الأطباء المختصين في المجالات الدقيقة محدود، بينما طبيب العائلة هو الذي يمتلك القدرة على متابعة المريض متابعة شاملة ومستمرة، تجمع بين الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية.

تفاوت كبير بين الجهات

ولفتت القمرتي، إلى أنّ ''ما يجب ملاحظته في تونس هو وجود تفاوت كبير بين المدن الكبرى والمناطق الداخلية. ففي المدن الكبرى يتوفر أطباء العائلة في العيادات الخاصة والمستشفيات والمراكز الصحية، بينما تعاني المناطق الداخلية من نقص واضح في هذا الاختصاص. فعلى سبيل المثال، في ولاية باجة نجد في بعض الأحيان أربعة أطباء فقط لتغطية عشرين مركزًا صحيًا، وهو ما يضطر الطبيب الواحد إلى معاينة ما بين ثمانين وتسعين مريضًا في اليوم الواحد، وهو عدد يعيق المتابعة الدقيقة والعلاج الأمثل''.

وتعمل الجمعية التونسية لطب العائلة على تحسين واقع القطاع من خلال تطوير التكوين الطبي وتوسيعه ليشمل مختلف الاختصاصات، مع الحرص على ضمان التواصل الدائم بين طبيب العائلة والطبيب المختص والمريض، بما يتيح نظرة شاملة للحالة الصحية تراعي الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية، وفق ذات المصدر.

علم دائم بالمستجدات العلمية

الهدف الأساسي، كما تضيف الدكتورة القمرتي، هو أن يكون كل طبيب عائلة على علم دائم بالمستجدات العلمية وبالأدوية الجديدة سواء في تونس أو في العالم، حتى يتمكّن من تقديم أفضل رعاية ممكنة للمريض. فالمطلوب اليوم هو أن تتاح للمريض التونسي فرصة علاج أفضل، وأن يُعمل على الوقاية من الأمراض قبل حدوثها، والحفاظ على صحته واستقلاليته وجودة حياته".

واختتمت الكاتبة العامة للجمعية التونسية لطب العائلة حديثها بالتأكيد على أنّ تطوير هذا الاختصاص هو استثمار في الصحة الوقائية وفي استقرار المنظومة الصحية والاجتماعية ككل، مشددة على ضرورة دعم التكوين المستمر وتوفير الإمكانيات البشرية والطبية اللازمة خاصة في المناطق الداخلية، حتى يتمكّن كل مواطن تونسي من التمتّع بحقّه في الرعاية الصحية الشاملة والمتوازنة.

صلاح الدين كريمي